تاريخ مصر في واحة سيوة

ليلة الأحد (14/3/1440=20/1/2019)ØŒ حملت معي إلى منتجع شالي بواحة سيوة (التي هذا اسمها الأمازيغي، واسمها الفرعوني شالي)ØŒ “تاريخ مصر في العصور الوسطى”ØŒ كتاب ستانلي لين بول (1854-1931)ØŒ الآثاري الإنجليزي المستعرب المتخصص، الذي نشره في لندن عام 1901ØŒ ثم ترجمه بعد عشرات السنين وحققه وعلق عليه أحمد سالم سالم، مفتش الآثار الإسلامية المصري، وراجع ترجمته وقدم لها الدكتور أيمن فؤاد سيد، صديقنا المؤرخ الكبير العزيز، مدير مركز تحقيق المخطوطات بجامعة الأزهر.
في 750 صفحة وقعت ترجمة الكتاب الصادرة في القاهرة عام 2015، عن الدار المصرية اللبنانية، ليمكن المشتغلين بتاريخ مصر من أحد أهم ما كتب فيها من وجهة نظر عدوها في عنفوان سيطرته عليها، منذ فتحها عام 20=641، عمرو بن العاص، صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ورضي عن صحابته وتابعيهم، حتى نلقاهم!- إلى أن غزاها عام 922=1516، سليم الأول المهيب تاسع سلاطين بني عثمان، رحمهم الله، وطيب ثراهم!
ولأن مصر التي في تاريخها هذا الكتاب، شملت أحيانا شطرا من العراق شرقا وليبية غربا وتركية وجزر البحر الأبيض المتوسط شمالا والحجاز والسودان جنوبا، أحسست أنني مقيم في طريق جيوشها؛ فاستحسنت في هذا المُغْتَرَب أن أعتزل أولادي حتى أقرأه، فلما فعلتُ عجبوا وما من مَعْجَب!
جعل بول كتابه في تنازع حكم مصر وما أفضى إليه من تقاتُل وتماكُر وتخاوُن، حتى خرج مخرج الكشافات الحربية، وكان كلما فرغ من سيرة أحد الحكام الحربية علق على طبيعته العقلية والخلقية والجسمية ما شاء -وربما استطرد إلى بعض آثاره الحضارية- فخلط الحسن بالقبيح، ولم يخلص للحق والخير والجمال، لا دولة ولا حاكما -فكل ذلك عنده مَشوب ممتزِج “وَسَاوِسٌ فِي الصَّدْرِ مِنْهُ تَخْتَلِجْ”- وكأنه يغري الإنجليز في أوائل الاحتلال بالإقدام والحرص، والمصريين بالرضا والحفاوة ولاسيما أنها شِنْشِنَتُهُم المعروفة (الخضوع والتسليم)!
وأهم ما انتبهت إليه من هذا الكتاب إيحاء صاحبه بثلاث العلاقات الآتيات:
1 علاقة استقرار مصر ونهضتها بطبيعة حاكمها الشديدة القاسية.
2 علاقة ظلم النصارى واضطرارهم إلى الإسلام بكون الحاكم متدينا، وإنصافهم ورعاية نصرانيّتهم بكونه غير متدين.
3 علاقة المغرب من خلال مصر بالمشرق، التي لا غنى عنها لاستقرار دولة المسلمين.
ونحن -وإن أنكرنا عليه خبث دعوى العلاقتين الأوليين- نقر بسداد دعوى العلاقة الثالثة التي لم يُوحِ بها إلا محذرا منها –ولم يذهب تحذيره باطلا!- ولا نفتأ في كل مقام ننكر الغفلة عنها، الجاثمة على صدور المسلمين وحكامهم!

Related posts

Leave a Comment